آلــيـات مـشاركـة الـنسـاء فـي صناعة عملية السلام في اليمن
  • 23 ربيع الثاني 1440هـ الموافق 2018/12/30
  • 5:47 PM
  • 0

آلــيـات مـشاركـة الـنسـاء فـي

صناعة عملية السلام في اليمن

 

                             اعداد

                                                       ــ أ. ايـمـان شـايـف

                                                          ــ أ. سهـى باشـريــن

1.  مقدمة:

  منذ تأسيسه، في 11 أكتوبر 2015، قام التوافق النسوي اليمني بأنشطة عدة، كان أبرزها تقديم 12 مبادرة/ رؤية/ ورقة تشاورية تضمنت مقترحات لحل أبرز قضايا الخلاف بين طرفي الصراع، من أجل إيقاف الحرب، وتعزيز مشاركة النساء في بناء السلام، ومجمل العملية السياسية وجميع عمليات البناء والإعمار. ويعتزم "التوافق" تقديم ، رؤية شاملة تتضمن آليات واستراتيجيات تمكين وإشراك النساء في اليمن بشكل جاد وشامل، سياسياً واقتصادياً وأمنياً. ، خلال الفترة القريبة القادمة وهذه الرؤية هي نتاج 18 جلسة نقاش بؤرية، و 14 مقابلة مع عدد من الشخصيات من كل الأطراف؛ كما هي نتاج عن أكثر من 150 نشاطاً وفعالية، عقدها "التوافق"، منذ تأسيسه في أكتوبر 2015، في كل من صنعاء وعَمَّان والقاهرة، بمشاركة قيادات نسوية منها 115 امرأة يمنية، من القيادات المجتمعات المحلية من مناطق مختلفة.

على أن الجهود التي يبذلها المبعوث الأممي السيد مارتن غريفيث من أجل استئناف المفاوضات بين طرفي الصراع في اليمن، تفرض علينا تقديم هذا المقترح العاجل الذي يتضمن آليات تضمن مشاركة النساء في المفاوضات المقبلة، وعملية بناء السلام بشكل عام في البلاد.

تصاعد الأعمال القتالية، وارتفاع حِدّة الكارثة الإنسانية في اليمن، يترافقان مع استمرار طرفي الصراع في تغييب وتجاهل صوت النساء، اللواتي يتأكد على نحو مضطرد أنه لا يُمكن بدون مشاركتهن التوصل إلى سلام شامل ومستدام. هذا، دفعنا، كذلك، نحو تقديم هذه الورقة.

2.  دواعي ومنطلقات  مشاركة النساء في عملية بناء السلام

   يستند مقترح مشاركة النساء في عملية بناء السلام في اليمن على تجارب سابقة فاعلة ومتميزة  خاضتها النساء واثبتن جدارة وفاعلية وكذلك على الاليات الدولية التي تؤكد على مشاركة النساء وبخاصة قرار مجلس الامن 1325

أشارت المبادرة الخليجية والتي تم التوقيع عليها من قبل الاطراف السياسية ( الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأحزاب اللقاء المشترك)  في نوفمبر 2011 الى مشاركة النساء" بشكل ملائم" في عملية بناء السلام في المرحلة الانتقالية  دون تحديد نسبة لحصة مشاركتهن ورغم الغموض في هذه الجملة الا إنها شكلت مدخل لمشاركة النساء في جميع التشكيلات والهيئات التي انشئت خلال المرحلة الانتقالية ، فقد تم  تعيين امرأتين ضمن قوام لجنة الاتصال التي شكلت من ثمانية اعضاء  كانت مهمتها التشاور مع كافة المكونات السياسية والاجتماعية حول مؤتمر الحوار الوطني كما شكلت النساء نسبة 24% من قوام اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني وجاء الإنجاز الأكبر في إقرار مشاركة النساء بنسبة  30% من إجمالي أعضاء مؤتمر الحوار الوطني وكانت النسبة الفعلية للمشاركة ما يقارب 29%. ترأست ثلاث نساء لفرق  العمل وهي فريق قضية صعدة، الحقوق والحريات والحكم الرشيد كما اخذت النساء موقع الانابة في عدد من الفرق  ومنها القضية الجنوبية وبناء الدولة والهيئات المستقلة والعدالة الانتقالية.

كانت مشاركة النساء في المرحلة الانتقالية بعد ثورة الربيع العربي في اليمن هي استحقاق لحجم مشاركتهن  مع الشباب في ساحات التغيير في عدة مدن حيث كان مشهد النساء وهن يهتفن  مطالبات بالتغيير هي الصورة الأبرز في التغطية الإعلامية الخارجية والداخلية ، الأمر الذي ساعد المبعوث الاممي في تلك الفترة  -جمال بن عمر- على الدفع والضغط بمشاركة أكبر للنساء ولم تالو النساء جهدا في إثبات جدارتهن واستحقاقهن لها  وذلك بالتفاعل الجاد في جميع الفرق  في مؤتمر الحوار الوطني. وشاركت النساء كعضوات في لجنة صياغة الدستور بعدد 4 نساء من ضمن 17 عضوا

كما لا يجب اغفال مشاركة النساء على هامش مفاوضات السلام بين الاطراف اليمنية التي تمت في الكويت في صيف 2016 حيث شاركت سبع نساء من التوافق وكان للقاءاتهم مع الاطراف وممثلين الدول الراعية للمفاوضات في لحظة انعقاد المفاوضات اثر في التعريف  بتأثير الصراع الدائر على حياة النساء ومنظورهن للأمن والسلام

على الجانب الأخر،  يأتي قرار مجلس الأمن رقم 1325 لسنة  2000م كركيزة أساسية ومبدأ يجب السعي الحثيث لتطبيقه من مؤسسات الأمم المتحدة و الدول الأعضاء حيث نصت  المادة (1 ) من القرار على ضمان مشاركة النساء في جميع مستويات صناعة القرار في المؤسسات والأليات الوطنية والإقليمية والدولية لمنع الصراعات وإدارتها وحلها.  . ومما يؤكد وجوب التزام الأمم المتحدة ومبعوثيها بالقرار ان مجلس الامن ابدى قلقه  في جلسته بتاريخ 5 اكتوبر 2009 م اي بعد تسع سنوات من إصدار القرار من استمرار وجود معوقات لمشاركة النساء في منع الصراعات وحلها وتواجدهن في الحياة السياسية في مرحلة ما بعد الصراع في الوقت الذي  تؤكد المؤشرات على ارتفاع معدلات العنف ضد النساء خلال الصراعات. ونتيجة لمخرجات تلك الجلسة عمل الأمين العام للأمم المتحدة على تطوير مؤشرات تساعد على مراقبة وتقييم تنفيذ القرار بركائزه الاربع ومنها ركيزة المشاركة وهو المحور الذي يؤكد على دعم مشاركة النساء الفاعلة والجوهرية في عملية السلام وتمثيلهن في صناعة القرار وهو بهذا يهدف الى إدماج النساء ومصالحهن في صنع القرار بما يتعلق في منع وإدارة وحل الصراعات.

 

 

3.  ألاليات المقترحة

3.أ الالية المقترحة مشاركة النساء في المسار الاول:

·   إن إلزام الاطراف المشاركة في عملية المفاوضات  بإشراك نساء من المنخرطات في تنظيماتهم  ضمن قوام الوفود  كشرط لتمثيلهم في طاولة المفاوضات .ونود ان نؤكد هنا على وجوب طرح حصة للنساء بان لا تقل  عن 30% بناء على ما ذكر اعلاه في دواعي  اشراك النساء .

·    أن تجربة اليمن في إشراك النساء في عملية السلام والمرحلة الانتقالية بعد 2011 اكبر برهان على إمكانية تحقيق ذلك بدفع المبعوث الاممي والمجتمع الدولي الراعي لعملية السلام في اليمن.

·   تكرارا لتجربة المرحلة الانتقالية بعد 2011 تؤكد إمكانية  إشراك  عدد من النساء المستقلات غير المنتميات لأي تنظيم سياسي او اي طرف من أطراف الصراع كمراقبات للمفاوضات الرسمية  ،وهنا يأتي دور مكتب المبعوث الأممي في تحديد شكل ومكان مشاركتهن من خلال الاسترشاد بتجارب أخرى تمت في بلدان مرت بعملية بناء السلام

       وجدير بالذكر ان التوافق يدعم وبشدة تمثيل النساء والشباب والمجتمع المدني ويقترح التوافق ان تخصص خمسة مقاعد  لنساء التوافق يمثلن النساء المستقلات والشباب والمجتمع المدني  ،  كما يمكن إشراك النساء كاستشاريات وإعلاميات ومختصات بالنوع الاجتماعي

·   ومن المهم بمكان ان لا تكون مشاركة النساء شكلية فقط وإنما يجب ان يتلمس جدول أعمال المفاوضات قضايا ومصالح النساء ولن يتأتى ذلك الا  بتوسيع دائرة المشاورات التي يقوم بها المبعوث الأممي في فترة الإعداد والتجهيز لأي جولة من جولات المفاوضات الرسمية حيث نأمل من مكتب المبعوث الأممي  التشاور مع مجاميع النساء المختلفة من الشمال والجنوب التي تعمل على قضايا متعددة وذلك  لتضمين محاور اهتمام وعمل النساء وعكسها ضمن جدول الاعمال والذي سيضمن لاحقا ان تكون مخرجات المفاوضات ملبية لتطلعات الرجال والنساء في الوقت نفسه.

·   كما لا يجب إغفال إشراك النساء في التكوين والتدريب والتأهيل  لأي لجان او هيئات تنتج عن المفاوضات الرسمية بين اطراف الصراع ومنها وليس حصريا لجان التهدئة ولجان نزع السلاح. وفي هذا الجانب بالذات نود ان ننوه ان بعض عضوات التوافق قمن بجمع معلومات وتجهيز قائمة بالنساء العسكريات والامنيات حتى يتسنى لمكتب المبعوث الاسترشاد بها في اقتراح نساء في لجان التهدئة ولجان نزع السلاح.

·   وتعتبر مشاركة النساء في المرحلة الانتقالية من المراحل الهامة والتي عادة ما يتم فيها تشكيل حكومة انتقالية وتشكيل هيئات تتولى الإعداد لدستور جديد او مراجعة الدستور والهيئات التي تكلف بالإعداد لانتخابات نيابية ورئاسية حيث يجب تثبيت معيار مشاركة النساء بنسبة لا تقل عن 30%

 

3.ب الأية المقترحة مشاركة النساء في المسار الثاني:

·   كرس التوافق النسوي اليمني جل جهده منذ تشكيله على إعداد أوارق تشاورية حول القضايا ذات الاهتمام ترسل الى مكتب المبعوث للاسترشاد  بها  على اساس الدور الذي انيط به كهيئة  استشارية لمكتب المبعوث الاممي. وبما ان التوافق يضم في قوامه كوكبة من النساء من خلفيات متنوعة سواء احزاب سياسية، ناشطات سياسيات مستقلات، ممثلات للمجتمع المدني، ناشطات مجتمعيات، قانونيات واكاديميات وهذا التنوع هو ما يثري الرؤى الذي يقدمها التوافق في الاواق التشاورية

·   طور التوافق خلال اجتماعه السنوي الذي عقد في شهر فبراير الماضي استراتيجية عمل مبنية على تحليل لثلاث سيناريوهات للوضع في اليمن 

·       وفي الوقت الذي يحرص التوافق على تقديم رؤي نسوية في جميع الأوراق التشاورية إلا إننا لسنا متأكدين ان منظمات المجتمع المدني ومنها على سبيل المثال لا الحصر منتدى التنمية السياسية بالتعاون مع مؤسسة برجهوف الالمانية  وغيرها من المؤسسات  واذ نحيي عملها فأننا نشدد  على ضرورة  تضمين جداول عملها وتقاريرها  وتقييماتها قضايا النساء وذلك من خلال توسيع مشاركة النساء في مشاوراتهم

  3.ج الألية المقترحة مشاركة النساء في المسار الثالث:

·   اكد القرار 1325 في الفقرة (ب) من المادة 8 على اهمية الاستعانة بالمبادرات التي يقوم بها السكان المحليين والأساليب المستندة من التقاليد و الأعراف  التي يستخدموها  في حل الصراع.

·   في اليمن يتم القيام بمثل هذه المبادرات سواء من افراد او مجموعات اجتماعية وتشارك النساء فيها اذا لم يكن هن من يطلقها ويديرها ، ولكن تكمن اشكالية هذه المبادرات إنها تتم على مستوى المجتمعات المحلية وتكون بعيدة عن الاضواء ولا يعرف عنها الإ القليل رغم أثرها البارز في تحقيق نتائج ملموسة في حل بعض جزئيات  الصراع مثل تبادل الاسرى، والافراج عن المعتقلين والمطالبة والتوعية بنزع السلاح ، ومنع تفاقم الصراع على مستوى المجتمع المحلي، .....الخ

·   ونظرا لأهمية هذه المبادرات المجتمعية سواء الفردية او الجماعية وخاصة تلك التي تطلقها او تشارك فيها نساء، فإننا نقترح على مكتب المبعوث الاممي إجراء مسح لجمع معلومات عن هذه المبادرات اما مباشرة من المكتب او عن طريق شركاء مكتب المبعوث من منظمات الامم المتحدة او المنظمات الدولية او منظمات المجتمع المدني.

·   رغم غياب دراسات كافية عن دور النساء اليمنيات في الدعوة الى الصراع او السلام الا ان  تجارب بعض المنظمات تشير الى فشل مساعي حل النزاعات على مستوى القضايا الاجتماعية عندما تغفل إشراك النساء مما يؤدي في بعض الحالات الى تحويل النساء الى دعاة حرب وبخاصة كون العرف الاجتماعي في اليمن يعطي للنساء وبخاصة كبيرات السن لتأثيرهن  على ابنائهن وتعزيز دورهن الايجابي باتجاه السلام والحد من اي دور مناقض لذلك. وفي حال تم اجراء المسح وتحديد الناشطين والناشطات من الشباب والنساء يمكن ربطهم مع لجان التهدئة ولجان نزع السلاح التي ستشكل ضمن مخرجات المسار الاول.

·   هناك عضوات من  التوافق مشاركات في بعض هذه المبادرات ويمكن الاستعانة بهن في التعرف على الاليات والادوات المحلية التي يستخدمونها في مساعيهن الرامية لحل بعض قضايا النزاع ومنها تبادل الأسرى ومتابعة قضايا المعتقلين والمختطفين 

4.  الخلاصة والتوصيات:

  يتقدم لكم التوافق النسوي اليمني بهذه الرؤية ونحن على ثقة بأن مكتبكم سيتبنى ما جاء فيها بناء على تجاربنا السابقة مع المبعوث الأممي السابق اسماعيل ولد الشيخ  حيث كان يحرص بذكر ملخص لقاءاته مع النساء في كل احاطة امام مجلس الامن. وتعززت ثقتنا بانكم لن تألوا أي جهد لمشاركة النساء بما لاحظناها في احاطتكم الاولى التي قدتموها امام مجلس الأمن عند ذكركم لجميع الفئات التي التقيتم بها و اشرتم الى "وكما هو الحال دائما من واقع خبرتي الخاصة، فقد كانت النساء هُّن اللواتي كثيرا ما تحدثن بأكبر قدرٍ من الوضوح وبإسهاب عمّن يخشونه ومن يقدمون الدعم اليه"

انطلاقا من الهدف الذي انشأ من اجله التوافق فأنه يستطيع العمل والاثراء بشكل يتقاطع مع المستويات الثلاثة سابقة الذكر كما انه سيستمر في اعداد الاوراق الاستشارية بما يخدم اشراك النساء في عملية بناء السلام في اليمن الى مكتب المبعوث الاممي وجميع الفاعلين في عملية إرساء السلام، وكذا المشاركة في مراقبة المفاوضات والمشاورات وتقييم العملية السياسية وعملية بناء السلام وتقديم رؤيته بما يضمن تضمين اجندة النساء في هذه الاعمال

وقد قام التوافق مؤخرا بمراجعة آلية عمله وتطوير آلية جديدة ترتكز على العمل حسب محاور ثلاثة هي محور بناء الدولة والسلام، محور الأمن والسلم المجتمعي ومحور الإغاثة والتعافي. وضمن آلية العمل الجديدة تم تطوير منهجية منظمة لإعداد الأوراق التشاورية تختلف عن السابق من حيث إجراء مسح ميداني يشمل إجراء مقابلات فردية مع ذوي العلاقة ولقاءات مع مجموعات بؤرية لشرائح مختلفة من المجتمع من النساء والرجال والشباب حسب القضايا المرتبطة بكل محور وتعد الأوراق التشاورية بناء على نتائج هذه القاءات.

إن الاستنزاف الذي حصل لأطراف الصراع في اليمن، خلال الثلاث السنوات الماضية، والعجز عن إنهاء الحرب عسكريا، في ظل تفاقم الكارثة الإنسانية وإزياد معاناة الناس، والتغيير المتسارع على ديناميكية الصراع والسلام في اليمن ومنها التغيير في خارطة الفاعلين وتغيير تموضعهم، كل هذا سيساعد في التوصل لإقناع جميع الأطراف للعودة إلى طاولة المفاوضات والسير تجاه اتفاق السلام الذي نؤكد على أنه سيكون شاملا ومستداما في حالة المشاركة الجادة للنساء والشباب والمجتمع المدني.

وكخلاصة لما ورد أعلاه فإننا نقدم لكم توصياتنا لضمان مشاركة النساء في عملية بناء السلام على النحو التالي:

·   يجب التأكيد على الاطراف اليمنية في جميع لقاءتكم على ضرورة مشاركة النساء تنفيذا للقرار الأممي 1325 وكذلك امتدادا للتجارب السابقة التي تمت في اليمن منذ 2011 وجولات المفاوضات التي تمت منذ 2015

·   يجب توسيع المشاورات مع المجموعات النسائية في الداخل والخارج ومن الشمال والجنوب لاستيعاب قضاياهن ومصالحهن في جدول اعمال المفاوضات

·   يجب الحرص على إشراك النساء في خطة بناء السلام والتي ستخرج بها المفاوضات بين الاطراف والحرص على مشاركتهن في جميع اللجان والهيئات التي ستشكل في المرحلة الانتقالية

·   يجب الحرص على التعرف على المبادرات المجتمعية التي تعني بحل بعض قضايا النزاع والتي تشارك فيها النساء او تقودها لغرض ربطها مع الجهود التي تتم على المسار التفاوضي الاول.

 

أكتب تعليقاً